• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من كتاب "إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف"

النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من كتاب إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام وال
أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/5/2025 ميلادي - 12/11/1446 هجري

الزيارات: 164

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف

فائدة من كتاب: (إتمام الرصف بذكر ما حَوَتْهُ سورة الصف من الأحكام والوصف)

 

الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق هداية للعالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فيتناول هذا البحث شخصية النبي عيسى عليه السلام في ضوء القرآن الكريم، تحديدًا في سورة الصف، موضحًا مكانته العظيمة كرسول من عند الله، وأبرز معجزاته، والرسائل التي حملها لقومه، كما يناقش البحث الردودَ على بعض الشبهات المثارة حوله، مع بيان الحقائق التي تُبرز مكانته النبيلة كعبدالله ورسوله.

 

الجدير بالذكر أن هذا النص يمثل فائدة من كتاب: (إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف)، للأستاذ الدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب، أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة المنصورة، مصر.

 

قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [الصف: 6]:

قال المصنف حفظه الله: "قال ابن منظور: قال الأزهري: عيسى اسم عِبْراني أو سُرْياني؛ ا.ه، وكذا قال الزجاج وغيره، ومما قال الزجاج أن عيسى: اسم نبي الله فإنه معدول عن إِيسُوع، كذا يقول أهل السريانية"[1].

 

ونسب عيسى صلى الله عليه وسلم إلى أمِّه؛ حيث لم يكن له أب، وهنا مسألتان:

المسألة الأولى: أن عيسى صلى الله عليه وسلم عبدُالله، ليس بإله؛ بل هو كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]، وتعالى الله أن يجعل معه أو له ندًّا: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ﴾ [المؤمنون: 91]؛ ولذلك عندما حَملت به مريمُ، فإنها حملت به بالكلمة: ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]، وهذا من آيات الله، كما أن آدم من آيات الله؛ ولذلك مما سُمِّى به عيسى ابن مريم أنه:

1- كلمة الله: وذلك لوجوده بالكلمة (كن) كما قال السلف من المفسرين؛ قال الإمام أحمد في (الرد على الجهمية): "فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له: كن، فكان عيسى بكن، وليس عيسى هو الكُن، ولَكِنْ بالكُن كَانَ، فالكُن من الله قول، وليس الكن مخلوقًا، وكذبت النصارى والجهمية على الله في أمر عيسى"[2].

 

2- روح الله: وهذه الإضافة لا تعني إثبات أن هذه الروح من صفات الله؛ ذلك أن (روح) عين قائمة بنفسها؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأعيان المضافة إلى الله تعالى على وجهين:

أحدهما: أن تُضاف إليه لكونه خلقها وأبدعها، فهذا شامل لجميع المخلوقات؛ كقولهم سماء الله، وأرض الله، فجميع المخلوقين عبيد الله، وجميع المال مال الله.

 

الوجه الثاني: أن يُضاف إليه لِما خصَّه به من معنى يحبه ويأمر به ويرضاه؛ كما خص البيت العتيق بعبادة فيه لا تكون في غيره، وكما يُقال في مال الفيء والخُمس: هو مال الله ورسوله، ومن هذا الوجه، فعباد الله هم الذين عبدوه وأطاعوا أمره، فهذه إضافة تتضمن ألوهيته وشرعه ودينه [يقصد إذا كان المضاف معنًى لا يقوم بنفسه ولا بغيره من المخلوقات، فإنه يجب أن يكون صفة لله تعالى قائمة به]، وتلك إضافة تتضمن ربوبيته وخلقه.

 

وأثبت القرآن أن عيسى عليه السلام عندما كان في المهد وقالت بنو إسرائيل ما قالت استنكارًا على مريم؛ قال تعالى: ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [مريم: 29 - 36].

 

المسألة الثانية: ألَّا يلتفت إلى ما تشوِّه به النصارى على عوام المسلمين، وإن كان فليقُم أهل العلم بالرد بالبرهان عليهم، ومن هذه الشبهات التي استطالوا بها على المسلمين أنهم يقولون – مثلًا - "القرآن يشتمل على ما ليس بصحيح فلا يكون من عند الله، ويمثلون بقوله: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ﴾ [التحريم: 12]، ويقولون: ليست ابنة عمران؛ لأن عمران أبو موسى عليه السلام، وبين موسى عليه السلام ومريم رضي الله عنها نحو ستمائة سنة، فأين عمران من مريم؟

 

قال القرافي: "والجواب من وجهين:

أحدهما: نُقل أن أباها رضي الله عنه كان اسمه عمران، ولا يلزم من أن اسم أبي موسى عمران ألَّا يسمى غيره عمران، واعتقاد وجوب ذلك جهل.

 

وثانيهما: سلمنا أن اسم أبيها ليس عمران، إلا أن عمران أبو موسى عليه السلام، جدها من بني إسرائيل، والإنسان يُضاف لجده البعيد، كما يُضاف لجده القريب، ولولا ذلك لبطلت التوراة والإنجيل في تسمية البطون والأشعاب المتأخرة عن يعقوب عليه السلام ببني إسرائيل؛ لأن يعقوب عليه السلام هو إسرائيل ولم يلدهم، بل بينه وبينهم المئون من السنين، ومع ذلك فكل ما جاء إلى يوم القيامة يسمى من بني إسرائيل..."[3].

 

ويمكن القول بأن القول الأول لا يمكن إثباته؛ لعدم ورود النص الصحيح به، وغايته أنه خبر إسرائيلي لا يُثبَت ولا يُنفى، ومع أن القول الثاني له وجهه، فإنه يمكن القول بأن الأُخوة تعني المشابهة والاجتماع على صفة معينة، فالأشقاء لما تشابهوا في النسب باجتماعهم على أب واحد وأم واحدة، كانوا إخوة، وأيضًا منه قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، ومنه أيضًا قوله تعالى: ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 38].

 

فمريم كانت مضرِب المثل في قومها ورَعًا وعبادة ونُسُكًا وزهدًا، بل أجرى الله لها من خوارق العادات ما قصه الله: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37]، وأيضًا هارون أخو موسى عليهما السلام كان مضرب المثل في العبادة والخُلُق، والفصاحة والبيان؛ لذلك اتخذه موسى وزيرًا، وجعله خليفة له في قومه عند مغيبه، فشابهت مريمُ هارونَ في الديانة والخلق، فصارا أخوين بهذا الاعتبار والله أعلم، أما لماذا ذكروها هامزين بهارون؟ فإنه من باب الاستبشاع لما ظنوه جرمًا اقترفَته، ذكَّروها بهذا الصالح تبكيتًا وتحزينًا، والله أعلم.

 

قوله تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الصف: 6].

 

قال موسى: "يا قوم" وكل نبي ينادي قومه: يا قوم، وهنا لم يقل هذا، بل دائمًا يكون النداء بـ"يا بني إسرائيل"؛ وذلك لأن عيسى لم يكن له فيهم أب[4]، وإنما النسب بالأب، فلا نسب لعيسى فيهم فيكونون قومه حقيقة[5].

 

قوله تعالى: ﴿ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]:

1- قوله تعالى: ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾ [الصف: 6]، قال ذلك؛ ليكون أدعى إلى تصديقهم بما يقول، فإن تصديقه عليه السلام بالتوراة وبما جاء فيها، وهي كتابهم قبله، يجمع على قبول كلامه[6].

 

2- قوله تعالى: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]، ﴿ وَمُبَشِّرًا ﴾ اسم فاعل من الفعل "بَشر" بمعنى: الإخبار بأمر سارٍّ مُفْرح[7]، فالمُبَشِّر هو الذي ينقُل الخبر السار السعيد، وهذا الخبر هو أن رسولًا من بعده سيأتي اسمه أحمد، وأحمدُ علَم منقول عن حكاية المضارع أو من أحمد التفضيل؛ قال حسان بن ثابت:

صلى الإله ومن يحُفُّ بعرشه
والطيبون على المبارك أحمد

وهذا الاسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم؛ من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب))[8].

 

وهذا وقد ناسب أن يبشر عيسى صلى الله عليه وسلم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء مطلقًا، كما أن عيسى صلى الله عليه وسلم آخر أنبياء بني إسرائيل، ومما يَدُل على البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل الإيمان به وتصديقه قبل مبعثه؛ قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 81].

 

قال ابن كثير: "قال علي بن أبي طالب وابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيًّا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعثَ محمدًا وهو حي ليؤمنَن به ولينصرَنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بُعِثَ محمدٌ وهم أحياء ليؤمنُن به ولينصرُنه"[9].

 

هذا، وقد بشرت التوراة والإنجيل بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ووصفتهم وصفًا جليًّا؛ قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].

 

ومن هذا القبيل – أيضًا – قول النجاشي: "أشهد أنه رسول الله وأنه الذي نجد في الإنجيل، وأنه الذي بشَّر به عيسى ابن مريم"[10].

 

﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ ﴾ [الصف: 6]: أي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أو عيسى ابن مريم، ﴿ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ [الصف: 6] جمع بَينة؛ وهي المعجزة الظاهرة، التي خُرقت العادة فيها الدالة على أنه رسول الله حقًّا[11] ﴿ قَالُوا ﴾ [الصف: 6]؛ أي المكذبون الكفار، ﴿ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [الصف: 6]؛ أي: ما جاء به سِحْر، وفي القراءة الأخرى: (قالوا هذا ساحر مبين)؛ للإشارة إليه صلى الله عليه وسلم وتأكيدًا لوظيفته، أنه ليس إلا ساحرًا[12]، يا سبحان الله! رسول من عند الله، يأتي بالأدلة الواضحة على صدقه، يُبَشر به رسول من قبله، فبدلًا من أن يؤمن به وينصر، يُتهم بالسحر، وهذا من أعجب العجائب، الرسول الذي قد وضحت رسالته، وصارت أبينَ من شمس النهار، يُجْعل ساحرًا بيِّنًا سحره، فهل في الخِذلان أعظم من هذا؟ وهل في الافتراء أبلغ من هذا الافتراء، الذي نفى عنه ما كان معلومًا من رسالته، وأثبت له ما كان أبعد الناس عنه؟[13].

 

الخاتمة:

ختامًا، يتضح أن القرآن الكريم يُبرز شخصية النبي عيسى عليه السلام بوصفه عبدًا لله ورسولًا كريمًا أرسله الله لهداية بني إسرائيل، وقد أكد الإسلام على وحدانية الله ونفى أي شبهة حول ألوهية عيسى عليه السلام، موجهًا المسلمين للتمسك بالحق والرد على الشبهات بالحكمة والدليل القاطع.

 

نسأل الله أن يهدينا إلى الحق ويثبتنا عليه، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 


[1] ابن منظور: اللسان (6 /153).

[2] انظر للإمام: أحمد بن حنبل الشيباني (ت 241هـ)، الرد على الجهمية والزنادقة (ص/125)، تحقيق: صبري بن سلامة شاهين، دار الثبات للنشر والتوزيع، ط. الأولى = 1424هـ.

[3] انظر لشهاب الدين القرافي (ت684هـ): الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة (ص/208)، تحقيق: د. زكي بكر عوض، شركة سعيد رأفت للطباعة، ط. الثانية = 1407هـ-1987م.

[4] انظر أبو حيان: البحر (10 /165).

[5] انظر القرطبي: الجامع (18 /83).

[6] انظر أبو السعود: التفسير (8 /244).

[7] انظر المعجم الوسيط (1 /57).

[8] صحيح: أخرجه البخاري (3532) كتاب المناقب، والترمذي (2840) كتاب الأدب، وأحمد (4 /80،81،84) وغيرهم من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه مرفوعًا.

[9] ابن كثير: التفسير (2 /67).

[10] حسن، أخرجه أحمد (4400) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقال الألباني في صحيح السيرة النبوية (ص/166): إسناد جيد قوي، وسياق حسن، المكتبة الإسلامية - عمان، ط. الأولى.

[11] السعدي: التفسير (ص/953).

[12] انظر أبو السعود: التفسير (8 /244).

[13] السعدي: التفسير (ص/859).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فائدة في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحاب موسى وعيسى عليهما السلام

مختارات من الشبكة

  • بركات الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) الآية(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: سرور الفرس بركوب النبي وخضوع البراق له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: الوحش يتأدب عند دخول النبي بيته وإسراع جمل جابر الأنصاري طاعة له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: مؤتمر عن سيرة النبي عيسى عليه السلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء في الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • لم يتبق من قبور الأنبياء إلا قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب